الرباط بريس
ألقت تطورات المشهد العراقي بظلالها على مركز اهتمتم العالم، وذلك من خلال سيطرة جماعات إرهابية على بعض المدن العراقية، "داعش" حيث تزداد خطورتها يومًا بعد يوم، في الوقت الذي تخرج فيها تصريحات ومعلومات من هنا وهناك دون التعرف على الوضع الحقيقى للشارع العراقي.
فتنظيم«داعش»- الدولة الإسلامية في العراق والشام - لم تُحدد هويته بعد، وهل هو مازال يتبع تنظيم القاعدة وأخبار انفصاله عنه منذ سنوات كانت للتمويه فقط، ومن هنا تطرح عدة استفهامات حول الدعم الذي تتلقاه هذه الجماعة، خصوصا وأن التقارير كشفت عن وجود ثروات تقدر بالملايير في ملكية قيادة التنظيم الارهابي، فهل تدعمه قطر والسعودية وتركيا بوصفه تنظيما سنيًا يريد أن يأخذ بثأر السنة المظلومة في العراق؟ أم تدعمه إيران من أجل أهدافها الشيعية في العراق وسوريا؟
حتى الآن لم توضح الصورة كاملة، وربما ستحمل لنا الأيام المقبلة عدد من المفاجأت والأحداث التي تساعد في حل لغز "داعش".
أول هذه المفاجآت كانت يوم الأحد الماضي، فاتح رمضان، والذي أعلن فيه التنظيم الإرهابي المتطرف عن قيام دولته الوهمية التي يسميها دولة الخلافة، أو الدولة الإسلامية في الشام والعراق، وبايع "عبثا" أميرها أبو بكر البغدادي خليفة للمسلمين.
أُلغيت «الدولة الإسلامية في العراق والشام» لتُستبدل بـ«الدولة الإسلامية» في كل الأرض. وبعدما كانت «راية الدولة خفّاقة تضرب بظلالها من حلب إلى ديالى»، أصبحت خلافة عامة لا حدود لها، سلطتها مطلقة على كل بلاد المسلمين. وباتت مبايعة الخليفة واجباً على كل مسلم، ومن لا يبايع يُعتبر مارقاً، من يتخلّف أو يرفض، يُحارب ويُضرب عنُقه.
ولم نتعجب أن جميع الدول التي عرضت مساعدات على العراق لم تقدم أي منها مساعدة حقيقية، وإنما اكتفت بإقامة المؤتمرات الصحفية والاجتماعات العاجلة لبحث الأمر، فالمواقف الدولية منذ هجوم "داعش" على العراق واستيلاءها على الموصل وعدد من المدن الأخرى كانت متناقضة ومتعارضة مع مصالح تلك الدول وحتى الدول التي لم يكن لها مصلحة مباشرة من هجوم داعش إلا أنها استفادت منه بشكل أو بآخر.
قليلة هي الدول التي تدعم "داعش"، لكن ليس حبا فيها وإنما لجاحة في نفسيها، ستقضيها حتما عبر المراوغات، وأولها روسيا الأكثر حديثًا والأٌقل فعلًا، فمنذ هجوم «داعش» على العراق والمتحدث باسم الخارجية الروسية "الكسندر لوكاشيفيتش"، يُعرب عن دعم روسيا للعراق للتصدي لقوات داعش، وفي الوقت نفسه لم يظهر هذا الدعم ولم تتخذ روسيا خطوات جدية لتنفيذه، ولكنها في الوقت نفسه استطاعت أن تحرز هدفًا في مرمى الولايات المتحدة الأمريكية باتهامها بالفشل في إدارة المنطقة، ولم تنجو بريطانيا أيضًا من تصريحات روسيا اللاذعة، حيث صدر بيانًا من الخارجية الروسية، يؤكد أن أمريكا وبريطانيا متهمتين بزعزعة الاستقرار في المنطقة، وأن تقدم "داعش" في العراق فشلًا حقيقيًا لتدخل أمريكا وبريطانيا في البلد، وأن آخر انتصار للولايات المتحدة في العراق كان منذ 11 عامًا ومن بعدها تطورت الأمور للأسوأ .
أما تركيا فموقفها مختلفا عن روسيا، فهي متورطة بشكل كبير لما يتردد أن "داعش" تتلقى دعما منها، ومن قطر والسعودية لتعزيز الوجود السني ولإقامة دولة سنية في العراق، ولو صدقنا هذا الطرح سنجد وقتها أن تركيا استغلت مواقف لتبرأ نفسها من فكرة دعمها المُستتر لـ«داعش» أولها مسألة الرهائن الأتراك وعددهم 80 مواطنًا تركيًا، وثانيهما مسألة هجوم عناصر داعش واستيلاءهم على القنصلية التركية، حيث استسلم طاقم الحراسة دون مقاومة بناءً على تعليمات " أنقرة "، كما صرح السياسي "سنان أوغان".
كما أن حكومة أردوغان قدمت خلال الأعوام الأخيرة الدعم لـ"داعش" في سوريا؛ للإسراع في إسقاط نظام الأسد في سوريا، ومنذ أسابيع عندما اشتبك الأكراد مع قوات داعش في سوريا اتهم الأكراد تركيا أنها تدعم "داعش" لوجيستيًا بأنها فتحت لها الحدود.
إذن فالمنطق يضع تركيا صاحبة المصالح الكثيرة في العراق، على رأس قائمة داعمي التنظيم الارهابي، فتمركز قوات داعش السنية في مدن العراق يتوازى مع مصالح تركيا التي تدعم أيضًا المجموعات السنية في العراق لمواجهة حكومة نوري المالكي المدعوم من إيران الشيعية، والذي يدعم نظام بشار الأسد الذي ترفضه تركيا وتدعم الجيش السوري ضده وهو ما يؤكده تصريح مصدر مسؤول في الحكومة التركية إلى صحيفة "ميللييت التركية" حول أنّ صعود “داعش” الكبير بسبب عدم الإطاحة بنظام بشار الأسد في سوريا، وبسبب سياسة المالكي المهمشة للسنة في العراق.
ليست فقط الأزمة الطائفية هي التي تؤرق تركيا وليس فقط التمدد السني هو هدفها، هناك أمرًا آخر لايمكننا إغفاله هو النفط الذي يضخ من الموصل ومن كركوك للتركيا، كما أن المنطقة الكردية في شمال العراق هي أكبر مستورد للبضائع التركية، وهو ما جعل تركيا تتعاون مع رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني، وتستورد منه النفط وتمرره عبر ميناء جيهان إلى البحر المتوسط من دون العودة إلى الحكومة الاتحادية في بغداد وهو ما خلق أزمة بين كردستان والعراق... (يتبع)
ألقت تطورات المشهد العراقي بظلالها على مركز اهتمتم العالم، وذلك من خلال سيطرة جماعات إرهابية على بعض المدن العراقية، "داعش" حيث تزداد خطورتها يومًا بعد يوم، في الوقت الذي تخرج فيها تصريحات ومعلومات من هنا وهناك دون التعرف على الوضع الحقيقى للشارع العراقي.
فتنظيم«داعش»- الدولة الإسلامية في العراق والشام - لم تُحدد هويته بعد، وهل هو مازال يتبع تنظيم القاعدة وأخبار انفصاله عنه منذ سنوات كانت للتمويه فقط، ومن هنا تطرح عدة استفهامات حول الدعم الذي تتلقاه هذه الجماعة، خصوصا وأن التقارير كشفت عن وجود ثروات تقدر بالملايير في ملكية قيادة التنظيم الارهابي، فهل تدعمه قطر والسعودية وتركيا بوصفه تنظيما سنيًا يريد أن يأخذ بثأر السنة المظلومة في العراق؟ أم تدعمه إيران من أجل أهدافها الشيعية في العراق وسوريا؟
حتى الآن لم توضح الصورة كاملة، وربما ستحمل لنا الأيام المقبلة عدد من المفاجأت والأحداث التي تساعد في حل لغز "داعش".
أول هذه المفاجآت كانت يوم الأحد الماضي، فاتح رمضان، والذي أعلن فيه التنظيم الإرهابي المتطرف عن قيام دولته الوهمية التي يسميها دولة الخلافة، أو الدولة الإسلامية في الشام والعراق، وبايع "عبثا" أميرها أبو بكر البغدادي خليفة للمسلمين.
أُلغيت «الدولة الإسلامية في العراق والشام» لتُستبدل بـ«الدولة الإسلامية» في كل الأرض. وبعدما كانت «راية الدولة خفّاقة تضرب بظلالها من حلب إلى ديالى»، أصبحت خلافة عامة لا حدود لها، سلطتها مطلقة على كل بلاد المسلمين. وباتت مبايعة الخليفة واجباً على كل مسلم، ومن لا يبايع يُعتبر مارقاً، من يتخلّف أو يرفض، يُحارب ويُضرب عنُقه.
ولم نتعجب أن جميع الدول التي عرضت مساعدات على العراق لم تقدم أي منها مساعدة حقيقية، وإنما اكتفت بإقامة المؤتمرات الصحفية والاجتماعات العاجلة لبحث الأمر، فالمواقف الدولية منذ هجوم "داعش" على العراق واستيلاءها على الموصل وعدد من المدن الأخرى كانت متناقضة ومتعارضة مع مصالح تلك الدول وحتى الدول التي لم يكن لها مصلحة مباشرة من هجوم داعش إلا أنها استفادت منه بشكل أو بآخر.
قليلة هي الدول التي تدعم "داعش"، لكن ليس حبا فيها وإنما لجاحة في نفسيها، ستقضيها حتما عبر المراوغات، وأولها روسيا الأكثر حديثًا والأٌقل فعلًا، فمنذ هجوم «داعش» على العراق والمتحدث باسم الخارجية الروسية "الكسندر لوكاشيفيتش"، يُعرب عن دعم روسيا للعراق للتصدي لقوات داعش، وفي الوقت نفسه لم يظهر هذا الدعم ولم تتخذ روسيا خطوات جدية لتنفيذه، ولكنها في الوقت نفسه استطاعت أن تحرز هدفًا في مرمى الولايات المتحدة الأمريكية باتهامها بالفشل في إدارة المنطقة، ولم تنجو بريطانيا أيضًا من تصريحات روسيا اللاذعة، حيث صدر بيانًا من الخارجية الروسية، يؤكد أن أمريكا وبريطانيا متهمتين بزعزعة الاستقرار في المنطقة، وأن تقدم "داعش" في العراق فشلًا حقيقيًا لتدخل أمريكا وبريطانيا في البلد، وأن آخر انتصار للولايات المتحدة في العراق كان منذ 11 عامًا ومن بعدها تطورت الأمور للأسوأ .
أما تركيا فموقفها مختلفا عن روسيا، فهي متورطة بشكل كبير لما يتردد أن "داعش" تتلقى دعما منها، ومن قطر والسعودية لتعزيز الوجود السني ولإقامة دولة سنية في العراق، ولو صدقنا هذا الطرح سنجد وقتها أن تركيا استغلت مواقف لتبرأ نفسها من فكرة دعمها المُستتر لـ«داعش» أولها مسألة الرهائن الأتراك وعددهم 80 مواطنًا تركيًا، وثانيهما مسألة هجوم عناصر داعش واستيلاءهم على القنصلية التركية، حيث استسلم طاقم الحراسة دون مقاومة بناءً على تعليمات " أنقرة "، كما صرح السياسي "سنان أوغان".
كما أن حكومة أردوغان قدمت خلال الأعوام الأخيرة الدعم لـ"داعش" في سوريا؛ للإسراع في إسقاط نظام الأسد في سوريا، ومنذ أسابيع عندما اشتبك الأكراد مع قوات داعش في سوريا اتهم الأكراد تركيا أنها تدعم "داعش" لوجيستيًا بأنها فتحت لها الحدود.
إذن فالمنطق يضع تركيا صاحبة المصالح الكثيرة في العراق، على رأس قائمة داعمي التنظيم الارهابي، فتمركز قوات داعش السنية في مدن العراق يتوازى مع مصالح تركيا التي تدعم أيضًا المجموعات السنية في العراق لمواجهة حكومة نوري المالكي المدعوم من إيران الشيعية، والذي يدعم نظام بشار الأسد الذي ترفضه تركيا وتدعم الجيش السوري ضده وهو ما يؤكده تصريح مصدر مسؤول في الحكومة التركية إلى صحيفة "ميللييت التركية" حول أنّ صعود “داعش” الكبير بسبب عدم الإطاحة بنظام بشار الأسد في سوريا، وبسبب سياسة المالكي المهمشة للسنة في العراق.
ليست فقط الأزمة الطائفية هي التي تؤرق تركيا وليس فقط التمدد السني هو هدفها، هناك أمرًا آخر لايمكننا إغفاله هو النفط الذي يضخ من الموصل ومن كركوك للتركيا، كما أن المنطقة الكردية في شمال العراق هي أكبر مستورد للبضائع التركية، وهو ما جعل تركيا تتعاون مع رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني، وتستورد منه النفط وتمرره عبر ميناء جيهان إلى البحر المتوسط من دون العودة إلى الحكومة الاتحادية في بغداد وهو ما خلق أزمة بين كردستان والعراق... (يتبع)
0 comments :
إرسال تعليق