سهيلة الزين
جميعنا في يوم ما
قرأنا الرسالة الشهيرة للفنان فان غوخ والتي يختمها ب"وداعا ثيو سأغادر نحو الربيع"،
وهي الرسالة التي أخذت شهرة واسعة، لكن اتضح
مؤخرا أن هاته الرسالة ليست رسالة أصلية من تأليف فان غوخ كما يعتقد البعض.
حاولنا البحث في
تفاصيل الموضوع فوجدنا أنه في سنة 1980 أصدرت وزارة الثقافة السورية ترجمة لكتاب جامع
لرسائل فان غوخ سبق ونشرها متحف فان غوخ الرسمي، ومن المفروض أن يحتوي الكتاب على
65 رسالة فقط كتبهم لأخيه ثيو ولا وجود للرسالة 66، وحقيقة الأمر أن الكاتب السوري
(نبيل صالح) الذي قام بترجمة جميع الرسائل هو من كتب الرسالة الأخيرة من خياله فقط
وأضافها للكتاب واشار الى ذلك بالفعل في الكتاب بشكل غير مباشر.
لكن ولأن الكاتب
نفسه لم يتحدث في الأمر كثيرا، أصبح من الشائع أن هذا نص أصلي لرسالة فان غوخ الاخيرة،
في حين انه نص أدبي مستقل تماما عن نصوص فان جوغ.
النص المشهور يبتدء
بـ: "إلى أين تمضي الحياة بي؟ ما الذي يصنعه العقل بنا؟ أنه يفقد الأشياء بهجتها
ويقودنا نحو الكآبة". ويختتم بـ: "وداعاً يا ثيو، سأغادر نحو الربيع".
المحزن في الأمر
هو أن الموضوع ارتبط في ذهن أناس كثر بأن النص من كتابة (فان جوخ) لأن نص الرسالة عبقري
فعلا، وقادر عل خلق الشعور بالتعاطف والخوف والحزن، قادر على منحك مشاعر متدفقة.
المميز في الرسالة
هو البعد عن رتابة الترجمات العادية التي تقتل في النصوص جمال اللغة العربية وقوة التشبيهات
فيها واختيار الكلمات متناسق ودقيق/ وهذا كان سببا في انتشارها لأكتر من 30 سنة.
لكن في النهاية فإن
حياة (فان جوخ) ونهايته ومآساته مؤثرين وفيهم ما يكفي من الدراما ورسائله الأصلية فيهم
من البلاغة والإبداع الذي يمكن مقارنته بأعمال أدبية كبيرة، وربما أن هذا هو السبب
الأساسي الذي استفز الكاتب "نبيل صالح" أدبيا وجعله يكتب بلسان (فان جوخ)
رسالته الأخيرة.
0 comments :
إرسال تعليق