عبد الرحمان اليوسفي اعتزال للسياسة ووفاء للوطن - الرباط بريس عبد الرحمان اليوسفي اعتزال للسياسة ووفاء للوطن - الرباط بريس

ادسنس

  • آخر الأخبار

    الخميس، 4 أغسطس 2016

    عبد الرحمان اليوسفي اعتزال للسياسة ووفاء للوطن




    من أكثر الأحداث التي كانت إثارة في المشهد الوطني المغربي خلال الأسبوع الماضي، المبادرة التي بصم عليها جلالة الملك محمد السادس، من خلال تحويله لاسم "شارع السلام" بمدينة طنجة شمال المغرب،  إلى مسمى "شارع عبد الرحمان اليوسفي"، الشخصية السياسية المغربية التي يتفق الجميع على قيمتها وقدرها النضالي والجدي في العمل السياسي بالمغرب الحديث، والتي سطرت كذلك مسارا كبيرا توج بمرحلة حكومة التناوب في المغرب، ودامت خمس سنوات منذ عهد جلالة الملك الراحل الحسن الثاني، واستمرارا على عهد جلالة الملك محمد الساس، قبل أن تتوقف التجربة عام 2002، ويتوقف معها قائدها اليوسفي عن ممارسة أي نشاط سياسي.
    وبقدر ما كان وقوف عبد الرحمن اليوسفي، والذي يحلو للكثيرين وصفه بالمجاهد السياسي، وقوفا صادما وخسارة كبرى للفضاء السياسي المغربي، على مدى قرابة العقد والنصف، بعد مرحلة مخاض سياسي سريع، كاد يعصف بالتداول السياسي الديمقراطي المغربي حينها، لولا حكمة اليوسفي وحكماء آخرين في زمنه، والتي تلاها اختفاء اليوسفي من الفضاءات العامة، ونقاشات الأوضاع السياسية بالمغرب، إلا من إطلالات مناسباتية خفيفة، لم تؤثر في عمق الواقع، بقدر ما كان تكريم اليوسفي بشارع في اسمه وهو قيد الحياة، محطة رأى فيه البعض عودة إيجابية وحذرة له لحاضنة الوطن، فيما لو قرر الرجل أو تم إقناعه بعدم جدوى الانزواء في ركن الانعزال السياسي، والمساهمة ولو قليلا في حل هموم الوطن، الذي بات فريسة لسياسيين يمارسون ما يمكن أن يسمى سياسة، خصوصا بعدما اتفق جلالة الملك بكلام خطاباته الأخيرة، على تردي الوضع السياسي الوطني، وضرورة الرقي به.

    عبد الرحمن اليوسفي، الأستاذ، الصحفي، المناضل، والمعارض المنبوذ في مرحلة من مراحل ماضي المغرب المتسم بالضبابية، بصم على تجربة حكومية هي الأفضل في تاريخ المغرب حسب تقدير عدد من المراقبين، لكنه وخلال السنوات الأخيرة التي سبقت تدشين شارع باسمه في طنجة، وتلت فترة اعتزاله السياسي، لفت الانتباه إليه ببعض التحركات التي سجلت من الدولة في اتجاهه، وبالخصوص مثلا عندما أقيمت حفلة تكريمية له عام 2014 في بيت ادريس جطو الوزير الأول التكنوقراطي السابق، والذي عوض اليوسفي بعد تجربة التناوب على رأس حكومة "بديلة"، ثم اختيار اليوسفي لقراءة الرسالة الملكية التي وجهت للاحتفال بالذكرى الخمسين لاغتيال الزعيم الاتحادي المهدي بن بركة.
    لقد رأى عديدون حفلة جطو لليوسفي، كأسلوب من الدولة للتودد لليوسفي، الذي غادر أسلاك الدولة "مغاضبا"، في مقابل حفاظه على ولائه للوطن وسمعته، ولو بصمته وعدم نهج أسلوب "أن آكل من الكعكة أو أعيث فيها فسادا"، ودليل ذلك حضور مستشار الملك فؤاد عالي الهمة شخصيا للحفلة لتقديم هدية "خاصة" لليوسفي من طرف الملك كجبر لخاطر أمام ثلة من زمرة اليوسفي، بصفتهم شهودا على علاقة الدولة بأبنائها الاوفياء، وبأسلوب خاص قل استعماله من طرف دولة في اتجاه أفرادها، ونفس الامر بما ينطبق على تخصيص اليوسفي برسالة بن بركة دون سواه من ممتلكي الحزب الحاليين.
    ولكن ورغم أن بادرة الهدية والحفلة تبقى ذات قيمة كبرى في حق اليوسفي، الذي لا يختلف اثنان في أن خروجه من حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية -الذي ساهم في تأسيسه- خلف الأثر السيء على سمعة ومسار أحد أعرق الأحزاب المغربية، إلا أن تسمية شارع باسم هذا السياسي بتدشين وحضور ملكي، بالإضافة إلى الأنشطة الأخرى التي بدأت تتلو الفعل الملكي ومنها زيارته الأخيرة الرسمية لمتحف محمد السادس للفن المعاصر بالعاصمة الرباط، أعاد التوقعات بشأن إمكانية استئناف اليوسفي للعمل السياسي بعد القطيعة الطويلة، وإعادة إمساك دفة الحزب الاتحادي، الذي بات يئن تحت وطأة الطبقة التي لم تكتف بتشتيت الحزب فقط، بل زادت عليه انتقاد اليوسفي برسائل مشفرة.
    لقد رأى الكثيرون، الواقعية في إمكانية عودة اليوسفي للمشهد السياسي المغربي بمباركة من الدولة، في مقابل السخط والغضب الملكي على الممارسات السياسوية التي أفرط البعض في ممارستها، أمام تهديد الوسط السياسي الوطني بتنامي ظاهرة العزوف السياسي الشعبي ومقاطعة الانتخابات، خصوصا عندما أبدى جلالة الملك في خطابه الأخير، احترامه لرأي مقاطعي الانتخابات، كما المترشحين والمنتخِبين، لأول مرة في تاريخ المملكة الحديث، وهو أمر لربما تكون إيجابياته أكثر من سلبياته التي يحاول البعض تسويقها اليوم، للحفاظ على مصالح ألفها رغم أنف الوطن.


    • تعليقات بلوجر
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments :

    إرسال تعليق

    إلى الأعلى