موريتانيا وقمة العرب من الإنقاذ إلى الورطة - الرباط بريس موريتانيا وقمة العرب من الإنقاذ إلى الورطة - الرباط بريس

ادسنس

  • آخر الأخبار

    الخميس، 21 يوليو 2016

    موريتانيا وقمة العرب من الإنقاذ إلى الورطة




    بدا الأمر غاية في السهولة والشجاعة، عندما انبرت دولة موريتانيا للدفاع عن ماء وجه الجامعة العربية، لما تعرضت لما فهمته على أنه إحراج سببه لها المغرب باعتذاره عن إقامة القمة العربية فوق أراضيه، فبمجرد أن أعلن المغرب إرجاء دوره في تنظيم القمة لأسباب وجيهة، لخصها في صعوبة المرحلة التي تمر منها الأمة العربية، ولكي لا تتحول القمة إلى مجرد مناسبة للاجتماع فقط، ارتفع صوت موريتانيا عاليا لكي تظفر بـ "شرف التنظيم" ولو على صعوبته، ولتعلن الجامعة أنها ليست ضعيفة لتجد من يخلف "المغرب المنسحب"، إلا أن رياح التنظيم جرت بما لا تشتهي سفن الإنقاذ على ما يبدو.
    فموريتانيا جار المغرب الجنوبي، ورغم أن الموقف هنا ليس موقف تنقيص أو ازدراء، وفي ظل شيء من صعوبة وضعها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وهي التي سجلت انضمامها لحاضرة الجامعة العربية عام 1973، لم تشهد قط تنظيم دورها في القمة العربية التي تتم حسب الترتيب الأبجدي للدول، وكان العذر دائما يتجلى في عدم جاهزية الدولة لمجريات التنظيم، لينقلب العذر الخالد اليوم إلى جاهزية سريعة وحتى من دون إخطار، وفي أقل من خمسة أشهر.
    مُؤكد أن المغرب حين أعلن اعتزاله لتنظيم التظاهرة القيادية العربية في دورتها السابعة والعشرين، وهو القرار الذي لم يتخذه انفراديا، ولكن بالتشاور مع دول شقيقة لها دورها القيادي في المنطقة، لم يكن يريد أو يسعى لأن يضع الهيأة الوحيدة الممثلة للعرب في العالم في موقف محرج، وهو ما أكده بسعيه لإقناع الجامعة العربية، بمبدأ تأجيل القمة إلى حين أن تصبح الجامعة قادرة بأعضائها على تفعيل القرارات الصادرة عن قممها، إلا أن الجامعة أبت إلا التنظيم، وهو ما حذا بالمغرب إلى إصدار قراره وبلاغه القاضي برفض تنظيم القمة، التي لن تكون سوى مناسبة للاجتماع من أجل الاجتماع.
    لكن يبدو أن قرار المغرب الصائب، حسب تقدير عدد من الدول التي رأت فيه شجاعة افتقدها العرب على امتداد عقود كثيرة، قرئ لدى الجامعة العربية، تحت رئاسة أمينها العام الجديد المصري أحمد أبو الغيط، كمحاولة من المغرب لإحراجها، قبل أن تجد غايتها في موقف موريتانيا، المحمل أصلا بموقف سياسي غير واضح اتجاه السيادة المغربية على موضوع كالصحراء، ليخلص الطرفان بأن أفضل "رد" على قرار المغرب يكمن في إقامة هذه القمة، رغما عن أنف المغرب وانتصارا "للعروبة".
    قرار موريتانيا استضافة القمة رغم ضعف الإمكانات اللوجيستيكية والمادية والتنظيمية، ساعات بعد رفض المغرب، والذي ظهر بأنه تحد من نوع خاص، والذي أكده مؤخرا أيضا، ابتعاد دولة شنقيط عن دعم مقترح طرد البوليساريو من الاتحاد الإفريقي، لم يخلف لدى المغرب أية ردة فعل كما كان يتوقع من قاد التحدي، بل إن الأمر كان عاديا جدا، حتى من جانب التناول الإعلامي للاستعدادات للقمة العربية، إلا أن الاهتمام المحلي بضعف هذا التنظيم والمشاكل المرافقة له، كان ملفتا للأنظار.
    فموريتانيا التي سعت بكل ما تملك ولا تملك لتنظيم القمة العربية القادمة، والتي ستقام ما بين 25 و26 يوليوز 2016، تعرضت لمتابعات إعلامية عربية ومحلية كثيرة، كون هذه القمة ولأول مرة ستقام تحت الخيام عوض القاعات الكبرى، التي كانت تخصص للقمم السابقة منذ عام 1945، بل وليست الخيمة لوحدها هي ما تعرضت للانتقاد من طرف المتابعين للاستعدادات للقمة، فحتى المطار الذي سيستقبل طائرات وفود القادة، وهو مطار نواكشوط الدولي، لم تتم عملية تجديده سوى في الشهر الماضي فقط، قبل أن يدشنه الرئيس محمد ولد عبد العزيز، وتنشر بعض المنابر المقربة من الدولة، بأنه يدخل في إطار رفع التحدي لتنظيم القمة.
    ومازالت تتوالى الانتقادات الداخلية لحشر موريتانيا نفسها في صعوبة تنظيم القمة، حتى وصف متابعون بأن مسؤولي موريتانيا، يستغلون فقط ما يمكن أن يحصلوا عليه من دعم مادي عربي للاستعداد للقمة، لكي ينسبوه لأنفسهم بعد انقضاء يومي القمة، ويحاولوا به تغطية الفشل السياسي في تحقيق ازدهار للبلد أمام مواطنيهم.
    وإلى الآن ما زالت الأخبار تتوالى حول المشاكل التي ترافق تنظيم موريتانيا، لهذا الحدث العربي الموسمي، فبعدما أتت أمطار خفيفة على عدد من التجهيزات المحيطة بمقر إقامة القمة ومنشآتها، أياما فقط على انطلاق القمة، بالإضافة لمشاكل مجتمعية لم يتعود عليها المواطن الموريتاني الذي ما زال يحافظ على أسلوب عيشه الخاص.

    وشكل مثلا قرار السلطات إغلاق المحلات التجارية الكبرى والأسواق الشعبية المجاورة لمكان انعقاد القمة، صدمة لهم، دفعت بالبعض للدعاء على القمة التي ستكون عليهم كسادا تجاريا، ناهيك عن الحواجز الأمنية الكثيرة والتفتيشات التي بات يتعرض لها المواطنون الموريتانيون خلال تنقلاتهم في العاصمة نواكشوط.

    وبالرغم مما قيل وسيقال حول القمة العربية الموريتانية، وعن مدى نجاح تنظيمها، بغض النظر عن جدواها السياسية، فإن التساؤلات الكبرى التي ستبقى عالقة في تاريخ القمم العربية، ليس كون المغرب كان رافضا لتنظيم قمة هو جاهز لها لوجيستيكيا، ولكن لأسلوب تعنت أعضاء الجامعة العربية، في السير على خطى غير ثابتة وغير مقنعة، في سبيل إعداد وتقديم القمم العربية بعيدا عن عقلنة سياسة هذه المنظمة، التي ما زال دورها غير واضح في ظل التوترات الصعبة التي عاشتها وتعيشها عدد من مناطق الصراع العربية.
    فهل بات التنظيم لأجل التنظيم غاية كبرى لا يُهتم بنتائجها، بقدر ما يُهتم بتنظيمها سنويا كموعد قار للاجتماع كما وصف ذلك المغرب، بغض النظر عن تحقيق أهدافها او السعي لمساهمتها في تغيير الواقع العربي المتأزم؟ حتى وإن تحول التنظيم في حد ذاته إلى ورطة وفضيحة تضاف لقائمة الفضائح العربية.
    • تعليقات بلوجر
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments :

    إرسال تعليق

    إلى الأعلى