رواد الفكر البيئي (4): الديكتاتورية: الأرض التي تنتعش فوقها التخريبات البيئية.. - الرباط بريس رواد الفكر البيئي (4): الديكتاتورية: الأرض التي تنتعش فوقها التخريبات البيئية.. - الرباط بريس

ادسنس

  • آخر الأخبار

    الجمعة، 12 أغسطس 2016

    رواد الفكر البيئي (4): الديكتاتورية: الأرض التي تنتعش فوقها التخريبات البيئية..


    محمد منير الحجوجي
    هناك علاقة وثيقة بين الدكتاتوريات و التدميرات البيئية.. أربعة امثلة تاريخية.. الاتحاد السوفياتي سابقا.. الصين.. الولايات المتحدة الامريكية.. و أخيرا أجمل بلاد في العالم..
    بالنسبة للاتحاد السوفياتي سنأخذ مثال بحر ارال la mer d’Aral .. .. سنوات الستينات سيقوم الاتحاد السوفياتي بتحويل مجرى النهرين الأساسيين الذين يغذيان البحر الممتد على مساحة هائلة تقدر ب 70000 كلومتر مربع و ذلك لتطوير زراعة القطن.. ثلاثون سنة بعد ذلك سيفقد البحر توازنه الايكولوجي بلا رجعة بعدما جف بشكل كامل تقريبا في خسارة لاتقارن لمجموع البشرية.. انها ثمرة استحواذ الحزب الشيوعي على القرار وحسمه في شان "الأولويات" التنموية..
    في الصين لاتختلف المقدمات و النتائج.. تشكل الصين نموذجا لزواج السلطوية السياسية و الرأسمالية الهمجية التي لاتضع أية حدود أمامها خصوصا عندما يتعلق الامر بالتعامل مع البيئة.. وحسب بعض الدراسات تعرف الصين حاليا نوعا من "الكراش/الانهيار البيئي" un Krach environnemental ..  ومنذ سنة 2007 يعتبر البلد اول باعث للغازات السامة في العالم.. ويشكل التلوث الهوائي واحدا من أخطر المشاكل في الصين الحالية خصوصا في المناطق ذات الكثافة التصنيعية الكبرى.. أما الماء فتلك الطامة الكبرى.. فحسب منظمة التعاون و التنمية الأوروبية  OCDE فان 30 في المائة من انهار الصين توجد على حالة خطيرة من التلوث.. ( 75 في المائة من الأنهار الصينية في المناطق الحضرية غير صالحة للصيد أو الشرب).. وحسب البنك العالمي فان 16 من أكبر عشرين مدينة الأكثر تلوثا في العالم  توجد في الصين.. وسنة 2005 كانت فقط 31 في المائة من المدن الصينية تحترم معيار جودة الهواء..
    مشكل التلويث البيئي أنه ينتج مخلفات صحية خطيرة.. فالموتى الذين يقضون بسبب التلوث وبسبب الامراض الفتاكة التي ينتجها يقدرون ب 70000 في السنة منذ التسعينات.. ان السرطان الذي لم يكن يعرفه شعب هذا التنين الهائل أصبح هو القاتل الأول في الجنوب الشرقي للبلاد، المنطقة الأكثر تعرضا لقصف التلوث.. اما حالات الأطفال الذين يصابون بمرض ضيق التنفس بمختلف أنواعه فلقد ارتفعت في المدن الكبرى ب 64 في المائة في العشريات الأخيرة.. ان الصين تؤدي ثمن عدم وجود الحريات السياسية في البلاد.. عدم وجود مداولات ديموقراطية حول القضايا الاستراتيجية الكبرى..
    و اذا كان قد ثبت تاريخيا أن "الشيوعية" لم يكن لها أي ود نحو الأرض، أمنا الأرض، فان الرأسمالية لا تختلف كثيرا عنها..
    المثال الثالث اذن: الولايات المتحدة الامريكية.. كثير من الملاحظين المنتبهين يعتبرون أن الولايات المتحدة الامريكية هي نموذج للديموقراطية التي تغرق تدريجيا في الرداءة الايكولوجية.. ولفهم التراجعات الامريكية في مجال البيئة ( بعد الصحوة الكبيرة لسنوات السبعينات بفضل التحركات/النضالات المدنية الجميلة جدا) قلت لفهم العلاقة المتوترة بين الدولة الامريكية و الطبيعة يجب فهم اشتغال السياسة الداخلية لأمريكا.. فأمريكا – وخصوصا منذ الثورة البترولية لسنوات السبعينات- أصبحت أكثر فاكثر تحت قبضة مافيات/سادة البترول.. و هؤلاء لم يكن أبدا من مصلحتهم أن يطلق الجالس في البيت الابيض وكيفما كان لونه إجراءات بيئية راديكالية كما طالبت و ناضلت من أجل ذلك الحركات البيئية الامريكية القوية.. ولقد بدى فعلا تهرب مرشحي الحزبين في كل الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة من الاقتراب من الملفات البيئية، خوفا من الادرع الطويلة و الخطيرة للوبي الطاقة.. خارجيا، ابتعدت دوما أمريكا – وتحت ضغط ذات المافيات المتجذرة- عن أية التزامات دولية.. ومنذ على الأقل ثلاثين سنة سارت دولة العام سام في اتجاه افشال/ضرب كل المفاوضات البيئية.. في اتجاه منع أية اتفاقات جذرية حول المناخ.. وحتى وان كانت تأتي بحضور لامع فإنها غالبا ما كانت تأتي و الايادي خالية من أية التزامات حقيقية.. ( لنتذكر ما حصل مع الكوب 21 في باريس...)..
    بقي المغرب.. حتى و ان لايمكن اعتبار المغرب ملوثا دوليا كبيرا فانه مخرب كبير جدا داخل مجاله à son niveau.. ثلاثة أشياء.. الاجتثاثات الرهيبة للغابات/الأراضي الفلاحية الخصبة جدا، التخريبات المتنامية للانهار الحيوية وسواحل المدن الكبرى، بداية ضرب الفرشات العظيمة للجنوب و الوسط.. في المغرب مافيات العقار/التصنيع هي التي ترسم سياسات "التنمية/النمو/النماء".... فعصابة "الضحى" مثلا لاتأخذ رأي أي أحد منا عندما تريد نهب/تخريب الاف الهكتارات الفلاحية شديدة الخصوبة.. أما المافيات الصناعية لعين السبع – وهذا ليس الا مثالا- فهي تلقي باطنان بلا نهاية من النفايات السامة مباشرة في مجاري الواد الحار مع كل المخلفات التي تحدثها هذه السوائل شديدة الخطورة في الأرض و في الماء.. في مرحلة الاستقرار المغربي الهائل تدهس المافيا العقارية/الصناعية التوازنات البيئية، مصادرة بذلك حياة من سوف يأتون بعدنا.. انه ثمن عدم وجود ديموقراطية في بلد الاستثناءات العظمى..




    • تعليقات بلوجر
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments :

    إرسال تعليق

    إلى الأعلى