الرباط بريس- بقلم : يونس حسنائي
إذا كان بن كيران يفضل أن تجلس المرأة في بيتها لتحتضن أطفالها ، و يترك للرجل مهمة جلب قوت العيش، فكان من الأولى أن يكرم المرأة في بيتها و يكرم الرجل في عمله ليستقيم الوضع الأسري و نحميه من التفكك و لنضمن تنشئة سليمة لأبنائنا..
فكيف يمكن أن يستقيم نظام اسري على أرضية اقتصادية صعبة جدا . كيف يمكن للأب وحده أن يوفر الاحتياجات اليومية للأسرة و المتطلبات التي لا تنتهي منذ بزوغ الفجر حتى غروب الشمس، كيف يمكن للأب وحده أن يتحمل غلاء المعيشة و ظلم القدر دون مساعدة شريكة حياته و التي هي زوجته.
فكان بدل مطالبة المرأة بالجلوس بالبيت كان من الأولى لو خصص راتبا شهريا محترما لربات البيوت و أخر لأبنائهم، يعينهم على العيش الكريم بل و يعين الأب في مصروف يومه و يزكي رابته البسيط.
آنذاك كان من الممكن أن ننادي بأعلى أصواتنا و أن نطالب المرأة لو شاءت أن تجلس في بيتها ، أما أن نلقي الخطب العصماء داخل قبة البرلمان و نطرب قلوب الناس بأحلى الألحان دون وعي مستقبلي آو تخطيط عقلاني مبني على الواقع ، فاسمح لي يا سيادة الرئيس فكلامك ليس مجرد هرطقات لا معنى لها ، بل سيزيد الوضع أكثر تعقيدا و كارثية عما هو عليه اليوم .
عندما تطلب من المرأة بالعدول عن وظيفتها و اختيار المنزل كمقر لها ، هل ستتكيف هذه الأسرة مع الوضع الاقتصادي الجديد براتب واحد هزيل لا يكفي لسد ضرويات الحياة اليومية و مصدره الأب لوحده، و نحن نعلم أن هناك تفاوت كبير وفرق شاسع بين الدخل الفردي للمواطن و الغلاء الفاحش للمعيشة اليوم ، الذي أصبح هاجس و هوس الفئات الفقيرة و المتوسطة.
فالمرأة في الدول الغربية إذا ما قررت عدم العمل و التفرغ لأعمال البيت و احتضان أطفالها و تربيتهم، فهي تعرف مسبقا أن لديها حقوق يجب على الدولة الالتزام بها ، بل و أن هاجس الحاجة و الفقر أصبح أمرا متجاوزا و أكل عليه الدهر و شرب.
فلنكن واقعين و صرحاء مع أنفسنا ، نعم نريد الإصلاح و هو مطلب جميع فئات الشعب، رغم أن الإصلاح هو شعار جميع الأحزاب منذ أزيد من خمسين سنة و لم يصلح شيء بهذا البلد ، لكن نريد الإصلاح بشكل عقلاني و متأني دون تهور أو سرعة ، لا نريد أن نحرق المراحل للوصول إلى مستوى الدول المتقدمة التي ما وصلت إليه اليوم إلا بشق الأنفس و ويلات الحروب و ثورات الفكر و المعرفة دون إصلاح القاعدة الأساسية و البنية التحية ببلدنا نحن
نريد بناء هذا المغرب على أساس متين ، قائم على الوعي و المعرفة و احترام الأخر و الإحساس بروح المسؤولية الملقاة على عاتق كل منا ، آنذاك يمكننا الانطلاق إلى ابعد المستويات دون توقف.
0 comments :
إرسال تعليق