نص الخطاب الملكي الموجه إلى الأمة بمناسبة الذكرى 17 لعيد العرش - الرباط بريس نص الخطاب الملكي الموجه إلى الأمة بمناسبة الذكرى 17 لعيد العرش - الرباط بريس

ادسنس

  • آخر الأخبار

    السبت، 30 يوليو 2016

    نص الخطاب الملكي الموجه إلى الأمة بمناسبة الذكرى 17 لعيد العرش




    وجه جلالة الملك خطابا ساميا إلى الأمة بمناسبة الذكرى 17 لعيد العرش المجيد، اليوم السبت 30 يوليوز 2016
    وفي  ما يلي النص الكامل للخطاب السامي الذي وجهه صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، إلى الأمة بمناسبة الذكرى 17 لعيد العرش المجيد.
    "الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا
    رسول الله وآله وصحبه، 
    شعبي العز يز،
    تتوالى السنوا ت، بعون الله وتوفيقه، منذ أ ن تحملنا أمانة قيادتك. وهي أمانة جليلة بشر ف خدمتك، وجسيمة بما تنطو ي عليه من مسؤوليات أمام الله، وأمام التاريخ، وعظيمة بما تحمله من التزاما ت تجاه جميع المغاربة.
    ونحتفل اليوم بالذكرى السابعة عشر ة، لعيد العر ش المجيد، ونحن أكثر اعتزازا بما يجمعنا من روابط البيعة الوثقى، والتلاحم المتين، وأقوى عزما على مواصلة العمل من أجل تحقيق تطلعاتك المشروعة.
    فما أريده لكل المغاربة أينما كانوا في القر ى والمدن، وفي المناطق المعزولة والبعيد ة، هو تمكينهم من العيش ا لكر يم في الحاضر، وراحة البال والا طمئنا ن على المستقبل، والأمن والاستقرار على الدوام، في تلا زم بين ا لتمتع بالحقوق، وأ داء ا لوا جبا ت.
    شعبي العز يز،
    لقد تمكنا خلال السبعة عشرة سنة الماضية من إنجاز إصلاحا ت سياسية عميقة وأوراش اقتصادية كبرى ومشاريع للتنمية البشرية غير ت وجه المغرب.
    غير أ ن هنا ك الكثير مما يجب القيام به خاصة ونحن على أبوا ب مرحلة جديد ة ستنطلق مع ا لانتخابات التشريعية المقبلة.
    وبصفتي الساهر على احترام الدستور وحسن سير المؤسسات وعلى صيانة الاختيا ر الديمقراطي ، فإنني لا أشارك في أي انتخا ب ، ولا أنتمي لأي حزب . فأنا ملك لجميع المغاربة مرشحين ، وناخبين ، وكذلك الذين لا يصوتون .
    كما أنني ملك لكل الهيآت السياسية دون تمييز أو استثناء . وكما قلت في خطا ب سابق ، فالحزب الوحيد الذي أعتز بالانتماء إليه هو المغر ب .
    ومن تم ، فشخص ا لملك ، يحظى بمكانة خاصة في نظامنا السياسي. وعلى جميع الفا علين مرشحين وأحزابا تفادي استخدامه في أي صراعا ت ا نتخابية أو حزبية.
    إننا أمام منا سبة فاصلة لإعادة الأمور إلى نصا بها: من مر حلة كانت فيها الأحزاب تجعل من الانتخاب آلية للوصول لممارسة السلطة، إلى مر حلة تكون فيها الكلمة للمواطن، الذي عليه أن يتحمل مسؤو ليته، في اختيار ومحا سبة المنتخبين.
    فالمواطن هو الأهم في العملية الانتخابية وليس الأحزاب والمرشحين. وهو مصدر السلطة التي يفوضها لهم. وله أيضا سلطة محا سبتهم أو تغيير هم، بناء على ما قدموه خلال مدة انتدابهم. 
    لذا أوجه النداء لكل الناخبين، بضرورة تحكيم ضمائرهم، واستحضار مصلحة الوطن والمواطنين، خلال عملية التصويت بعيدا عن أي اعتبا رات كيفما كا ن نوعها.
    كما أدعو الأحزا ب لتقديم مرشحين، تتوفر فيهم شرو ط الكفاءة والنزاهة، وروح ا لمسؤولية والحرص على خدمة المواطن.
    فأحزاب الأغلبية مطالبة بالدفاع عن حصيلة عملها خلال ممارستها للسلطة في حين يجب على أحزاب المعارضة تقديم النقد البنا ء واقتراح البدا ئل المعقولة في إطار تنافس مسؤول من أجل إيجاد حلول ملموسة، للقضايا والمشاكل الحقيقية للمواطنين.
    ومن جانبها فإن الإدارة التي تشرف على الانتخابات تحت سلطة رئيس الحكومة، ومسؤولية وزير الداخلية ووزير العدل والحريات، مدعوة للقيا م بواجبها، في ضما ن نز اهة وشفافية المسا ر الانتخابي.
    وفي حالة وقوع بعض التجاوزات، كما هو الحال في أي انتخابا ت، فإن معالجتها يجب أن تتم طبقا للقانون، من طرف المؤسسات القضائية المختصة.
    غير أن ما يبعث على الاستغراب، أن البعض يقوم بممارسات تتنافى مع مبادئ وأخلاقيا ت العمل السياسي، ويطلق تصريحات ومفاهيم تسي ء لسمعة ا لوطن، وتمس بحرمة ومصداقية المؤسسات، في محاولة لكسب أصوات وتعاطف الناخبين.
    ولا يفوتني هنا أيضا، أ ن أنبه لبعض التصرفات والتجاوزات الخطيرة، التي تعرفها فترة الانتخابات، والتي يتعين محاربتها، ومعا قبة مرتكبيها.
    فبمجرد اقتراب موعد الانتخابات، وكأنها القيامة، لا أحد يعرف الآخر. والجميع حكومة وأحزابا، مر شحين وناخبين، يفقدون صوابهم، ويدخلون في فوضى وصراعا ت، لا علاقة لها بحرية الاختيار، التي يمثلها الانتخاب.
    وهنا أقو ل للجميع، أغلبية ومعارضة: كفى من الركوب على الوطن، لتصفية حسابات شخصية، أو لتحقيق أغراض حزبية ضيقة.
    شعبي العزيز،
    إن تمثيل المواطنين في مختلف المؤسسات والهيآت، أمانة جسيمة. فهي تتطلب الصدق والمسؤولية، والحر ص على خدمة المواطن، وجعلها فوق أي اعتبا ر.
    وكما أكدنا ذلك عدة مرات، فإن القيام بالمسؤولية، يتطلب من الجميع الالتزام بالمفهوم الجديد للسلطة، الذي أطلقناه منذ أن تولينا العرش.
    ومفهومنا للسلطة هو مذهب في الحكم، لا يقتصر، كما يعتقد البعض، على الولاة والعمال والإدارة الترابية. وإنما يهم كل من له سلطة، سواء كان منتخبا، أو يمارس مسؤولية عمومية، كيفما كان نوعها.
    والمفهوم الجديد للسلطة يعني المساءلة والمحاسبة، التي تتم عبر آليات الضبط والمراقبة، وتطبيق القا نون. وبالنسبة للمنتخبين فإن ذلك يتم أيضا، عن طريق الانتخاب، وكسب ثقة المواطنين.
    كما أن مفهومنا للسلطة يقوم على محاربة الفساد بكل أشكاله: في الانتخابات والإدارة والقضاء، وغيرها. وعدم القيام بالواجب، هو نوع من أنواع الفساد.
    والفساد ليس قدرا محتوما. ولم يكن يوما من طبع المغاربة. غير أنه تم تمييع استعمال مفهوم الفساد، حتى أصبح وكأنه شيء عادي في المجتمع. 
    والواقع أنه لا يوجد أي أحد معصو م منه، سوى الأنبياء والرسل والملائكة.
    وهنا يجب التأكيد أن محاربة الفساد لا ينبغي أن تكون موضوع مزايدا ت.
    ولا أحد يستطيع ذلك بمفرده، سواء كان شخصا، أو حزبا، أو منظمة جمعوية. بل أ كثر من ذلك، ليس من حق أي أحد تغيير الفساد أو المنكر بيده، خا رج إطار القا نون. 
    فمحاربة الفساد هي قضية الدولة والمجتمع: الدولة بمؤسساتها، من خلال تفعيل الآليات القانونية لمحاربة هذه الظاهرة الخطيرة، وتجريم كل مظاهرها، والضر ب بقوة على أ يد ي ا لمفسد ين.
    والمجتمع بكل مكوناته، من خلال رفضها، وفضح ممارسيها، والتربية على الابتعاد عنها، مع استحضار مبادئ ديننا الحنيف، والقيم المغربية الأصيلة، القائمة على العفة والنزاهة والكرامة.
    شعبي العزيز،
    إننا نؤمن بأن التقدم السياسي، مهما بلغ من تطور، فإنه سيظل ناقص الجدوى، ما لم تتم مواكبته بالنهوض بالتنمية.
    وتقوم التنمية في منظورنا، على التكامل والتوازن، بين الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
    كما أن رفع التحديات التنموية المتعددة والمتداخلة، يتطلب من جميع المغاربة، فرديا وجماعيا، الانخراط في المعركة الاقتصادية الحاسمة، التي يعيشها العالم.
    فالتقدم الذي نطمح إليه ببلادنا، لا يقتصر فقط على مجرد مؤشرا ت، غالبا ما تتجاهل مسار كل بلد وخصوصياته؛ وإنما نريده أن يشكل تحولا اقتصاديا واجتماعيا حقيقيا، تشمل ثماره جميع المواطنين.
    وإذا كان من حقنا أن نعتز بما حققناه من مكاسب تنموية، فإن على جميع الفاعلين، في القطاعين العام والخاص، مضاعفة الجهود، من أجل الارتقاء بالمغرب إلى مرتبة جديدة من التقدم، بين الدول الصاعدة، والتي سبق لنا أن حددنا مقو ماتها.
    وهو ما يقتضي العمل الجاد للرفع من تنا فسية الاقتصاد الوطني، والتقييم الموضوعي للسياسات العمومية، والتحيين المستمر للاستراتيجيات القطاعية والاجتماعية.
    ورغم الإكراهات المرتبطة أحيانا بالسياق الدولي، وأحيانا أخرى بالاقتصاد الوطني، فإن المغرب، والحمد لله، في تقدم مستمر، دون نفط ولا غا ز، وإنما بسواعد وعمل أبنائه.
    وخير دليل على ذلك، تزايد عدد الشركات الدولية، ك "بوجو" مثلا، والشركات الصينية التي ستقوم بإنجاز المشروع الاستراتيجي للمنطقة الصناعية بطنجة، على مساحة تتراوح بين 1000 و2000 هكتا ر، وكذا الشركات الروسية وغيرها، التي قررت الاستثمار في المغرب، وتصرف الملايين على مشاريعها.
    هذه الشركات لا يمكن أن تخاطر بأموالها دون أن تتأكد أنها تضعها في المكان الصحيح. بل إنها تعرف وتقدرالأمن والاستقرار، الذي ينعم به المغرب، والآفاق المفتوحة أمام استثماراتها.
    كما أن العديد من الشركات العالمية، عبرت عن اهتمامها بالاستثمار في مشروع " نور - ورزازات"، الذي يعد أكبر محطة للطاقة الشمسية في العالم.
    كما يتزايد عدد الأجانب، الذين يختارون المغرب للإقامة والاستقرار، وخاصة من فرنسا وإسبانيا. ومنهم من يقوم بإحداث شرات خاصة.
    فهؤلاء الأجانب يعيشون في أمن واطمئنان، في ظل حماية أمير المؤمنين، وتحت مسؤولية الدولة المغربية، إضافة إلى أن المغاربة يعاملونهم بكل ترحيب وتقدير. 
    وبنفس الإرادة والعزم، نعمل على ضمان أمن المغاربة وسلامتهم، وعلى صيانة استقرار البلاد، والحفاظ على النظام العام. 
    شعبي العزيز،
    إن صيانة الأمن مسؤولية كبيرة، لاحد لها، لا في الزمان، ولا في المكان. وهي أمانة عظمى في أعناقنا جميعا.
    وأود هنا، أن أعبر لمختلف المصالح الأمنية، عن تقديرنا للجهود الدؤوبة، والتضحيات الجسيمة، التي يقدمونها في القيام بواجبهم الوطني.
    كما أشيد بالفعالية، التي تميز عملها، في استباق وإفشال المحاولات الإرهابية، التي تحاول يائسة ترويع المواطنين، والمس بالأمن والنظام العام.
    وإننا نقدر الظروف الصعبة، التي يعمل فيها نساء ورجال الأمن، بسبب قلة الإمكانات. فهم يعملون ليلا ونهارا، ويعيشون ضغوطا كبيرة، ويعرضون أنفسهم للخطر، أثناء القيام بمهامهم.
    لذا، ندعو الحكومة لتمكين الإدارة الأمنية، من الموارد البشرية والمادية اللازمة لأداء مهامها، على الوجه المطلوب.
    كما يتعين مواصلة تخليق الإدارة الأمنية، وتطهيرها من كل ما من شأنه أن يسيء لسمعتها، وللجهود الكبيرة، التي يبذلها أفرادها، في خدمة المواطنين.
    إن مصداقية العمليات الأمنية، تقتضي الحزم والصرامة في التعامل مع المجرمين، ومع دعاة التطرف والإرهاب، وذلك في إطار الالتزام بالقانون، واحترام الحقوق والحريات، تحت مراقبة القضاء.
    وأمام تزايد التحديات الأمنية، والمؤامرات التي تحاك ضد بلادنا، أدعو لمواصلة التعبئة واليقظة.
    كما أؤكد على ضرورة التنسيق بين المصالح الأمنية، الداخلية والخارجية، ومع القوات المسلحة الملكية، بكل مكوناتها، ومع المواطنين. فالكل مسؤول عندما يتعلق الأمر بقضايا الوطن. 
    فأمن المغرب واجب وطني، لا يقبل الاستثناء، ولا ينبغي أن يكون موضع صراعات فارغة، أو تهاون أو تساهل في أداء الواجب. وإنما يقتضي التنافس الإيجابي، في صيانة وحدة الوطن، وأمنه واستقراره.
    فليس من العيب أن تكون الدولة قوية برجالها وأمنها، وأن يكون المغاربة جنودا مجندين للدفاع عن قضايا وطنهم.
    أما على المستوى الخارجي، فإن التنسيق والتعاون، الذي تعتمده المصالح الأمنية ببلادنا، مع نظيراتها في عدد من الدول الشقيقة والصديقة، قد ساهم في إفشال العديد من العمليات الإرهابية، وتجنيب هذه الدول مآسي إنسانية كبيرة. 
    شعبي العزيز،
    إن انشغالنا بقضايا المواطنين داخل المغرب، لايعاد له إلا العناية التي نوليها، لشؤون أفراد الجالية المقيمة بالخارج.
    فنحن نقدر مساهمتهم في تنمية بلدهم، وفي الدفاع عن مصالحه العليا.
    كما نعتز بارتباطهم بوطنهم، وبتزايد عدد الذين يحرصون، كل سنة، على صلة الرحم بأهلهم، رغم ما يتحملونه من تعب ومشاق السفر، وما يواجهونه من صعوبات.
    وإذا كنا نعيد ونؤكد، كل مرة، وفي كل مناسبة، شكرنا لهم، وعلى ضرورة الاهتمام بقضاياهم، سواء داخل الوطن، أو في بلدان الإقامة، فنحن لا نبالغ في ذلك، لأنهم في الواقع، يستحقون ذلك وأكثر.
    وقد سبق أن شددنا على ضرورة تحسين الخدمات، المقدمة لهم. ووقفنا على بعض النماذج، التي تم اعتمادها لهذا الغرض.
    ورغم الإصلاحات والتدابير، التي تم اتخاذها، إلا أنها تبقى غير كافية. وهو ما يقتضي جدية أكبر، والتزاما أقوى من طرف القناصلة والموظفين، في خدمة شؤون الجالية.
    شعبي العزيز، 
    إن السياسة الخارجية لبلادنا، تعتمد دبلوماسية القول والفعل، سواء تعلق الأمر بالدفاع عن مغربية الصحراء، أو في  ما يخص تنويع الشراكات، أو الانخراط في القضايا والإشكالات الدولية الراهنة.
    فإذا كان البعض قد حاول أن يجعل من 2016 "سنة الحسم"، فإن المغرب قد نجح في جعلها "سنة الحزم"، في صيانة وحدتنا الترابية. فمن منطلق إيماننا بعدالة قضيتنا، تصدينا بكل حزم، للتصريحات المغلوطة، والتصرفات اللا مسؤولة، التي شابت تدبير ملف الصحراء المغربية، واتخذنا الإجراءات الضرورية، التي تقتضيها الظرفية، لوضع حد لهذه الانزلاقات الخطيرة.
    وسنواصل الدفاع عن حقوقنا، وسنتخذ التدابير اللازمة لمواجهة أي انزلاقات لاحقة. ولن نرضخ لأي ضغط، أو محاولة ابتزاز، في قضية مقدسة لدى جميع المغاربة.
    غير أن المغرب سيبقى منفتحا، ودائم الاستعداد للحوار البناء، من أجل إ يجاد حل سياسي نها ئي، لهذ ا النز ا ع المفتعل.
    وأود هنا، أن أجدد ا لدعوة للجميع، لمواصلة ا ليقظة والتعبئة، للتصدي لمناورات خصوم المغرب، ا لذين صاروا مسعورين، وفقدوا صوابهم، أمام مظاهر التنمية والتقدم، التي تعيشها الصحراء المغربية.
    فكل ا لمؤامرات المغلفة والمفضوحة، لن تنا ل من عزمنا، على مواصلة تفعيل النموذج التنموي، بأقاليمنا الجنوبية.
    فا لمشاريع التنموية التي أطلقناها بالمنطقة، وما تتيحه الجهوية المتقدمة، من إشراك فعلي للسكان في تد بير شؤونهم، سيجعل من جهة الصحراء قطبا اقتصاديا مندمجا، يؤهلها للقيام بدورها التاريخي كصلة وصل، ومحور للمبادلات بين المغرب وعمقه الإفريقي، وكذا مع د ول ا لشمال.
    شعبي العزيز،
    إن د دبلوماسية القول والفعل، التي ينهجها المغرب، لم تكن لتعطي وحدها النتائج المنشودة، لولا المصداقية، التي يحظى بها، في علاقاته الدولية.
    وهو ما أهله للتو جه نحو تنويع شركائه. إن الأمر لا يتعلق بتحرك ظرفي، أو برد فعل طارئ، من أجل حسابات أو مصالح عابر ة. وإنما هو خيار استراتيجي، يستجيب لتطور المغرب، ويأخذ بعين الاعتبار التحولات ا لتي يعرفها العالم.
    كما يعكس مكانة بلادنا كشريك محترم ومطلوب، بفضل نموذجه السياسي والتنموي، ولدوره كفاعل رئيسي في ترسيخ الأمن والاستقرار بالمنطقة، وفي الدفاع عن القضايا التي تهم إفريقيا.
    وكما قلت سابقا، فالمغرب ليس محمية تا بعة لأي بلد. غير أن انفتاحه لا يعني تغيير توجها ته، ولن يكون أبدا على حساب شركائه. فالمغرب يبقى وفيا بتعهداته، وملتزما مع حلفائه التاريخيين.
    وفي هذا الإطار، تندرج القمة التي جمعتنا بأشقائنا قادة دول مجلس التعاون الخليجي، في أبريل الماضي، والتي رسخت الشراكة المغربية الخليجية، كتكتل استراتيجي موحد، ووضعت الأسس الصلبة لنمو ذ ج فر يد من ا لتحالف العربي.
    كما أ ن ا لمغر ب لا يد خر أي جهد، في سبيل تد عيم ا لشراكة الاستراتيجية التضامنية جنوب – جنوب، وخاصة مع أشقائنا الأفارقة، سواء على الصعيد الثنائي، أو في إطار المجموعات الإقليمية، لدول غرب إفريقيا.
    وتعزيزا لهذه السياسة الإفريقية الصادقة، أعلنا خلال القمة الإفريقية السابعة والعشرين، عن قرار المغرب بالعودة إلى أسرته المؤسسية الإفريقية.
    وبطبيعة الحال، فإن هذا القرار لا يعني أبدا، تخلي المغرب عن حقوقه المشروعة، أو الاعتراف بكيان وهمي، يفتقد لأبسط مقومات السيادة، تم إقحامه في منظمة الوحدة الإفريقية، في خرق سافر لميثاقها.
    ويعكس رجوع بلادنا إلى مكانها الطبيعي، حرصنا على مواصلة الدفاع عن مصالحنا، من داخل الاتحاد الإفريقي، وعلى تقوية مجالات التعاون مع شركائنا، سواء على الصعيد الثنائي أو الإقليمي.
    كما سيتيح للمغرب الانفتاح على فضاءات جديدة، خاصة في إفريقيا الشرقية والاستوائية، وتعزيز مكانته كعنصر أمن واستقرار، وفاعل في النهوض بالتنمية البشر ية، والتضامن الإفريقي.
    وأغتنم هذه المناسبة، لأتقدم بعبارات الشكر الجزيل، لكل الدول الشقيقة، على وقوفها إلى جانب المغرب، في الدفاع عن وحدته الترابية، وتجاوبها الإيجابي، مع قرار العودة إلى أسرته المؤسسية، خاصة قادة الدول الثمانية والعشر ين، الذين وقعوا على الملتمس، وباقي الدول الصديقة التي ساهمت في هذه المبادرة.
    كما نعبر عن تقديرنا وامتناننا، لجمهورية رواندا، التي استضافت هذه القمة، ورئيسها فخامة السيد  Paul Kagamé، لدعمهم لنا، وتعاونهم معنا.
    وإلى جانب الانفتاح على فضاءات سياسية واقتصادية كبرى، كروسيا والصين والهند، نسعى لتوطيد شراكاتنا الاستراتيجية، مع حلفائنا في فرنسا وإسبانيا. كما نعمل مع الاتحاد الأوروبي، على وضع أسس متينة، لتطوير الشراكة التقليدية التي تجمعنا.
    وإن توجهنا نحو تنويع الشراكات، يقوم على الاحترام المتبادل، والالتزام بالعمل، على تقوية التعاون، على أساس رابح–رابح. وهو ما تجسده الاتفاقيات الاستراتيجية، التي تم توقيعها، والتي تشمل مجالات حيوية، كالطاقة والبنيات التحتية وتطوير المبادلات الفلاحية، ومحاربة الإرهاب، والتعاون العسكري، وغيرها.
    شعبي العزيز،
    إن حرص المغرب على تنويع شركائه، لا يوازيه إلا انخراطه القوي، في مختلف القضايا والإشكالات الدولية الراهنة.
    فالمغرب يعد شريكا فعالا في محاربة الإرهاب، سواء في مايتعلق بالتعاون الأمني، مع عدد من الدول الشقيقة والصديقة، أو من خلال نموذجه المتميز في تدبير الشأن الديني.
    وهو ما أهله ليتقاسم مع هولندا، الرئاسة المشتركة للمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب.
    كما أن بلا دنا تنخرط بقوة، في الجهود الدولية لمواجهة التغيرات المناخية، حيث ستحتضن في نونبر المقبل، المؤتمر الثاني والعشرين، للدول الأطراف في اتفا قية الأمم المتحدة، حول التغيرات المناخية.
    وهي مناسبة لإبراز التزام المغرب، بالعمل على تنفيذ اتفاق باريس، ومواصلة دعم الدول النامية، بإفريقيا والدول الجزرية الصغيرة، التي تعتبر المتضرر الأكبر من تداعيات التغير المناخي.
    وبصفته بلدا فاعلا في مجال التعاون الثلاثي، فإن المغرب يجعل في صدارة سياسته، توجيه العمل الدولي للاهتمام بقضايا التنمية، وخاصة في إفريقيا.
    شعبي العزيز،
    إ ن عملنا لايهتم كثيرا بالحصيلة والمنجزات، وإنما بمدى أثرها في تحسين ظروف عيش المواطنين.
    ذلك أننا نضع البعد الإ نساني في طليعة الأسبقيات. فما يهمنا هو المواطن المغربي، والإنسان بصفة عامة، أينما كان.
    وإ ننا نحمد الله تعالى، أن وفقنا لجعل المغرب على ماهو عليه اليوم: فضاء لأوراش البناء والتنمية، وواحة أمن واستقرار؛ رغم إكراهات سياق دولي، مطبوع بتوالي الأزمات، وتزايد التوترات.
    ونود بهذه المناسبة المجيدة، أن نعرب عن تقديرنا وشكرنا، لكل القوى الحية، ولكل المغا ربة الأحرار، الغيورين على وطنهم، على انخراطهم القوي، إلى جانبنا، في بناء مغرب الوحدة والحرية والتقدم، ووقوفهم الحازم في مواجهة المؤامرات الدنيئة، التي تحاك ضد بلادنا.
    كما نوجه تحية تقدير، للقوات المسلحة الملكية، والدرك الملكي، والقوات المساعدة، والأمن الوطني، والوقاية المدنية، والإدارة الترابية، على تفانيهم وتجندهم الدائم، للدفاع عن وحدة الوطن وسيادته، والسهر على أمنه واستقراره.
    والله تعالى نسأل أن يوفقنا في أداء الأمانة، التي ورثناها عن أجدادنا، مستحضرين، بكل إكبار وخشوع، أرواحهم الطاهرة، وفي مقدمتهم جدنا المقدس، جلالة الملك محمد الخامس، ووالدنا المنعم، جلالة الملك الحسن الثاني، أكرم الله مثواهما، وكافة شهداء الوطن الأبرار.
    وسنواصل مسارنا الجماعي، بكل حزم وعزم، من أجل عزة المغرب، وخدمة أبنائه.
    وستجدني، شعبي العزيز، كما عهدتني دوما، خديمك الأول، حاملا لانشغالاتك وقضاياك، متجاوبا مع تطلعاتك، في كل الظروف والأحوال.
    " قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني". صدق الله العظيم.
    والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".
    (ومع-30/07/2016)


    • تعليقات بلوجر
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments :

    إرسال تعليق

    إلى الأعلى