الشعب الليبي ينتفض ضد الإخوان ، وحزب النهضة التونسي يرتعد من تداعيات " الكرامة"

الرباط بريس

على غرار الشعب المصري ، خرج آلاف من الليبيين في العاصمة طرابلس وفي مدينة بنغازي وفي عدد من المدن الأخرى ، منددين في تظاهرات حاشدة بمحاولات " أخونة" ليبيا ، مثلما فعل قادة التطرف والتكفير في مصر حينما أرادوا أن يجعلوا منها قلعة للتزمت الديني و الضلال الفكري ، خاصة عندما استتب لهم الأمر بالإستيلاء على كرسي الحكم في انتخابات رئاسية استغلوا خلالها اضطراب الأوضاع و تشتت التيارات السياسية المصرية، إلى أن خرج الشعب المصري في مظاهرات صاخبة بلغت أوجها في الثلاثين من يونيو 2013، وتدخل الجيش بقيادة وزير الدفاع آنذاك ،عبدالفتاح السيسي، لتلبية مطالب الشعب المصري لإزاحة ممثل الإخوان محمد مرسي من الحكم في مطلع يوليوز من نفس السنة. وبالتالي فإن ما قام به الجيش المصري أبعد ما يكون انقلابا عسكريا ، لأن الواجب الوطني كان يحتم عليه الإندماج في صفوف الجماهير و الإستجابة إلى المطامح الشعبية في إزاحة كابوس الإخوان ، و إلا فإن عدم تحركه كان سيفسر بكونه تقاعسا عن إنقاذ البلاد و عدم تقديم المساعدة لجماهير يحدق بها الخطر.

و بنفس السيناريو المصري تقريبا ، تحركت جموع الجماهير الليبية دعماً ل"عملية الكرامة" التي يقودها اللواء المتقاعد خليفة حفتر منذ أسبوع ، لمكافحة أخطبوط الإخوان الإرهابي في ليبيا . وفي طرابلس، تجمع آلاف المواطنين في ساحة الشهداء، وسط العاصمة ،وأكدوا دعمهم ل"عملية الكرامة" لمكافحة الإرهاب مرددين شعارات تدعو إلى دعم المؤسسة العسكرية والشرطة الرسمية في مختلف ربوع البلاد، وطالب المتظاهرون في العاصمة كل المليشيات المسلحة بمغادرة طرابلس وبأن تبقى بعيدة عن الساحة السياسية.

وفي بنغازي تظاهر آلاف المواطنين في ساحة تقع مقابل أكبر فندق في وسط المدينة دعماً للعملية ، وردد المتظاهرون شعارات تطالب اللواء المتقاعد خليفة حفتر بمواصلة عملية تطهير البلاد من الإرهاب.و رفع المتظاهرون شعارات كتب عليها "بنغازي مع اللواء خليفة حفتر ونعم لعملية الكرامة وكرامة الوطن كرامتنا جميعاً نعم للأمن و الأمان"مؤكدين أنهم يقفون صفاً واحداً مع الجيش لتطهير البلاد من الإرهاب، وهتف المتظاهرون في بنغازي وطرابلس ضد الكتائب المسلحة. وشدد حفتر الذي حصل على تأييد العديد من الضباط والوحدات العسكرية ،الضغط على السلطات الحاكمة في ليبيا مطالباً بتشكيل مجلس رئاسي مدني لقيادة المرحلة الانتقالية في البلاد التي قال إنها أصبحت وكراً للإرهابيين الذين سيطروا على مفاصل الدولة، وأكد أن من شأن ذلك أن يقود ليبيا إلى مستقبل جديد وينهي حكم الإخوان والجماعات المتطرفة ، ويقضي على الإخوان، لتسير ليبيا خطوات ثابتة نحو المستقبل.

و في تونس،تراجعت حركة "النهضة" الإسلامويّة عن موقفها السابق إزاء "عملية الكرامة"، حيث أنها وبعد أن وصفت ما يجري بالإنقلاب، عادت لتحثّ على الحوار والمصالحة الوطنية في البلد الجار، وذلك بعد أن استشعرت حركة النهضة، ورئيسها راشد الغنوشي، مخاوف تداعيات ما يجري في ليبيا على وضع إخوان تونس.

وقال الغنوشي، في بيان له أنه يجب حلّ الخلافات في ليبيا عبر الحوار السياسي الوطني بمشاركة الجميع.

واعتبر المراقبون هذا البيان بأنه مناقضا للبيان الأوّل الذي وصف تحرّك حفتر بالانقلاب على الشرعية، خاصة وأن " عملية الكرامة" لاقت تفويضا شعبيا واسعا في ليبيا.

و يتخوف الغنوشي من أن يؤدي نجاح عملية اللواء حفتر إلى الإنتقام ممّن تآمروا على ليبيا وتدخّلوا في شؤونها، وهو ما قد يجعل حركة النهضةذاتها في دائرة الأطراف المطلوب الانتقام منها . كما تتخوف " النهضة " كذلك من أن تسفر " عملية الكرامة" على قيام تحرّك تونسي شعبي لتقوية الدولة التي أضعفها "الربيع العربي" وأصبحت لقمة سائغة بيد إسلاميي وحلفائها.