احتل نقاش "إلغاء معاشات
البرلمانيين" حيزا من الفضاء العمومي، وحتى العالم الافتراضي، خصوصا بعد
تصريح الوزيرة شرفات أفيلال بكون معاشات البرلمانيين "جوج فرنك" ليس
إلا، وأعقبه إعلان رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، عن اقتراب إقرار إصلاح صناديق
التقاعد، وهو "الإصلاح المر الذي على المواطنين تجرعه"، بعبارات
بنكيران.
بيد أن هذا النقاش تحول من مطلب
للمواطنين، مدعوم بتأييد أغلب "سكان العالم الافتراضي"، إلى مجال تنافس
ومزاحمة بين الأحزاب السياسية، فلم تمر سوى ساعات قليلة عن إعلان الفريق البرلماني
للعدالة والتنمية عن تحضيره مقترح مشروع قانون حول إلغاء المعاشات، حتى بادر حزب
الأصالة والمعاصرة للإعلان عن عزمه تقديم مقترح في الاتجاه نفسه.
إصرار حزبين متنافسين على الصعيد
السياسي، يغيب الود عن العلاقة بين زعيميهما، أثار مخاوف البعض من أن يكون مجرد
رغبة من البعض لاستغلال هذا المطلب قصد "الظهور بمظهر المدافع عن إرادة
المواطنين"، خصوصا وأن تجارب سابقة أثبت أن الحماس الحزبي في بعض القضايا
يتمخض عن "ولادة فأر"، كما حصل مع مقترح قانون تجريم التطبيع الذي دار
جدل كبير حوله قبل أن يتم إقباره لأسباب "مجهولة"، والأمر نفسه تكرر مع
مقترح تقنين زراعة الكيف الذي دخل في متاهات حزبية وحسابات انتخابية.
سعيد الخمري، أستاذ القانون الدستوري
والعلوم الدستورية بكلية الحقوق بالمحمدية، يرى أن مثل هذه المبادرات الصادرة عن
الأحزاب بمختلف تلاوينها "هي ايجابية"، على اعتبار أنها "استجابة
لمطالب الشارع"، موردا أنه من غير المقبول أن تقوم الأحزاب بالركوب على هذه
المطالب الاجتماعية التي تثار من حين لآخر.
وأضاف أستاذ العلوم السياسية أن
الأحزاب لا ينحصر دورها في تأطير المواطنين فقط، وإنما التعبير عن تطلعاتهم، من
خلال البرامج السياسية ومن خلال مواقعها، سواء كانت في الأغلبية أو المعارضة، وحتى
الأحزاب غير المشاركة في البرلمان، مردفا أن مثل هذه المبادرات يجب ألا يقتصر
دورها على التجاوب اللحظي أو رد الفعل على ما يدور في الشارع، وإنما على الأحزاب
أن تكون هي المبادرة بالدفاع عن مصالح المواطنين، "لذلك يجب أن تتبنى الأحزاب
جميع المطالب الموضوعية للمواطنين والقابلة للتنفيذ"، يقول الخمري.
وشدد الخبير السياسي المغربي على
ضرورة "ألا يكون التسابق على طرح مشروع قانون إلغاء معاشات البرلمانيين مجرد
تسخينات تسبق الانتخابات البرلمانية المقبلة"، مشيرا إلى أنه من المفروض على
الأحزاب أن تقوم بمبادرات حقيقية تجاه الرفع من القدرات الشرائية لذوي الدخل
المحدود، وأن تعيد الثقة للطبقة المتوسطة من خلال سن قوانين لإصلاح النظام
الضريبي، "ويجب التركيز أيضا على إعادة النظر في أجور ومعاشات كبار موظفي
الدولة الذين يسيرون المؤسسات العمومية"، يضيف الخمري.
المتحدث اعتبر أن مطلب إلغاء معاشات
البرلمانيين "مشروع لأن البرلماني ليست له وظيفة إدارية، وإنما وظيفة
انتدابية، حيث صوت عليه الشعب ليكون صوته في البرلمان، خصوصا وأن تلك المعاشات
تكون على حساب دافعي الضرائب من المغاربة"، وفق تعبير الخمري.
0 comments :
إرسال تعليق