يجمع الكثيرون بأن وفاة الجنرال دوكور دارمي، عبد العزيز بناني، اليوم، تشكل رزء فادحا للقوات المسلحة الملكية، باعتباره أحد أقوى وأبرز الضباط السامين العسكريين في البلاد، وذلك بإقرار وإشادة من الملك محمد السادس، الذي اعتبر أن "الخسارة أصابت المغرب كله".
رجل ظل..رجل كتوم..صارم..حازم..متحفظ..هادئ..أوصاف عرفه بها القريبون منه في صفوف الجيش المغربي، وأيضا من واكبوا مساره المهني المتألق عن كثب، فهو من الضباط الذين تدرجوا سلما تلو السلم في الرتب العسكرية، ليراكم بذلك تجربة لا يستهان بها في الوظيفة العسكرية.
ويُنعت الجنرال بناني، الذي وافته المنية يوم الأربعاء في مصحة بفرنسا كان يُعالج فيها من مرض عضال، برجل الظل الذي لا يحب الأضواء، حتى أنه كان نادرا ما يظهر أمام عدسات الكاميرا، فلم يكن تستهويه الصور كثيرا، بقدر ما كان ملتصقا ببزته العسكرية، وخرائطه الميدانية.
وبالرغم من مهامه وانشغالاته الكثيرة، خاصة أنه كان من بين أربعة أكبر الرتب العسكرية في البلاد، فإن من يعرفه قيد حياته كان يصفه بالرجل الهادئ الذي لا ينفعل إلا قليلا، لكنه بالمقابل من نوع العسكريين الذين يبحثون عن التميز فيما يقوم به من أعمال، ما يجله دائم البحث عن التفوق.
بناني كان أيضا شخصا ذكيا وفطنا، يعتمد على حدسه بموازاة واقعيته التي تعلمها من المدرسة العسكرية، تورد عدد من المصادر التي واكبت حياته منذ كان ضابطا برتبة صغيرة إلى أن تحول إلى أحد أقوى جنرالات المملكة، خاصة في عهد الملك الراحل الحسن الثاني.
ابن مدينة تازة، والذي رأى النور فيها في أحد أيام 1939، والمنحدر من أسرة معروفة اشتغلت في تجارة الأثواب والحبوب، عرف طيلة مساره المتدرج في أسلاك القوات المسلحة، بأنه كان منضبطا يبحث دائما عن رضا رؤسائه، كما أنه يحاول الوقوف في نفس المسافة من الجميع، ما أكسبه الكثير من الاحترام.
ويقول مصدر من منتدى القوات المسلحة الملكية بالانترنت، في تصريح لهسبريس، إن الجنرال بناني كان بين أوائل ضباط الجيش، ومن بين ضباط المدفعية الممتازين، وهو ما يفسر أنه خلال فترة قيادته للجيش، عرف سلاح المدفعية قفزة نوعية، جعلت منه مفخرة القوات المسلحة، وأقوى سلاح مدفعية في إفريقيا بعد المدفعية المصرية".
ووصف المتحدث الجنرال بناني، قيد حياته، بأنه كان "ضابطا كتوما وقليل الكلام، وتسلق السلالم بهدوء، إلى أن استطاع أن يشغل أعلى المناصب العسكرية، على رأسها قائد المنطقة العسكرية الجنوبية، قبل أن يُضاف إليه منصب المفتش العام للقوات المسلحة الملكية.
وتابع المصدر أن الجنرال بناني لا يُذكر له إنجازات عسكرية ميدانية كثيرة، لكن يبقى أنه كان من أكبر الداعمين لإنشاء الحزام الأمني بالصحراء، الذي كان فكرة مهندسين من المكتب الشريف للفوسفات ببوكراع، وأفراد الفيلق الثالث للمشاة الميكانيكية بعد معركة بوكراع الشهيرة.
وتابع المتحدث ذاته بأن هذا الحزام الأمني بالصحراء أصبح فيما بعد أحد المنشآت العسكرية التي تحصن المملكة من عدة أخطار، من بينها الجماعات الإرهابية بالساحل، وهو الذي جعل المغرب يبسط سيطرته اليوم على أزيد من 80 في المائة من تراب الصحراء المغربية.
وذهب المنتدى، الذي قدم تعازيه للقائد الأعلى للقوات المسلحة ولأسرة الجيش قاطبة، إلى أن "الجنرال بناني هو أحد الرجال الذين خدموا الوطن والعرش إلى آخر يوم له في الخدمة العسكرية"، متابعا بأن "استقرار المملكة والعرش كان في فترة من الفترات على المحك، لولا رجال، مثل الجنرال عبد العزيز بناني".
0 comments :
إرسال تعليق